Mohammed Bouhamid, a man who loved and researched the heritage of Aita

لا يمكن الحديث عن تراث فن العيطة بالمغرب دون ذكر اسم الباحث الراحل محمد بوحميد الذي استطاع أن يؤسس مدرسة في البحث العلمي خاصة بمورثنا الأدبي الشعبي مما جعله يتفرد في لحظة تاريخيه مهمة بصوته الصداح فيما كانت أصوات أخرى منشغلة بالمتاهات كما وصفها- لقد اخترت الثقافة الشعبية كي أساعد نفسي والمغاربة للتعرف على أنفسهم من خلال تاريخهم الفني الشعبي-.إنه محمد بوحميد، ابن الحاج محمد بوحميد، الأتي سنة 1939 من تراب عبدة- دكالة، الغني. ومن داخل أسوار مدينة أسفى العتيقة حيث النشأة والطفولة، والدراسة حتى مرحلة الشباب ومارافقها من سخونة فكرية، ونهضة معرفية انطلقت من داخل دار الشباب علال بن عبد الله الشهيرة، حيث برز أسم بوحميد ضمن مجموعة من شباب المدينة في تنشيط اللقاءات والندوات الفكرية، هناك تعرفوا على كتب المنفلوطي وفولتير والجاحظ والمتنبي وابن تمام والبحتري، هناك كتبوا أولى محاولاتهم الأدبية، وهناك مارسوا المسرح واطلعوا على الحركة السينمائية العالمية. رحل بوحميد من مدينة أسفى للبحث عن أفق
تعليمي أوسع، فكانت الوجهة عاصمة المملكة الرباط، وبالضبط مدراس محمد الخامس، وبالموازاة تعرف بوحميد على أوساط الصحافة بالعاصمة فاشتغل متعاونا بجريدة العلم،ومترجما مساعدا لقسم الصحافة في عدد من السفارات الأجنبية، وبالرباط برزت معالم حياة جديدة ومعها اختيارات قوبلت كلها بالرفض من طرف الوالد الحاج امحمد بوحميد، خاصة لما قرر الولد الالتحاق بأكاديمية الشرطة آنذاك. كان الرجوع صعبا وقاسيا على محمد بوحميد، وهو الذي ألف حياة العاصمة بترفها الثقافي والسياسي. وهناك بزرت شخصية بوحميد وتقوت وأصبح ثائرا على الأوضاع رافضا أن يكون مساعدا لأبيه في التجارة، وهو الخارج من عالم لا مجال فيه سوى لقوة العقل في الإبداع،وهو الحامل للنزعة الوطنية حيث شارك في طريق الوحدة وتعرف عن محمد الخامس وولي عهده آنذاك مولاي الحسن والمهدي بنبركة وغيرهم. أمام هذا الوضع الذي لم يكن بيده تغييره تأتي الصدفة لتصحح وتصلح مساره حيث قادته جولة بالمدينة إلى المرور من أمام نيابة التعليم ويطلع على منشور علق ببابها، تعلن فيه وزارة التربية الوطنية عن رغبتها في توظيف معلمين وأساتذة. وهكذا تصبح الصدفة عاملا حاسما في رسم اختيار إنسان أحب وأخلص لمهنته حتى أخر يوم بثانوية مولاي يوسف بأسفي حيث أمسك بالطباشير وكتب على السبورة، (ختم بفضل الله وعونه)
خلال مساره الوظيفي كأستاذ للتاريخ والجغرافية، استطاع بوحميد أن ينفذ إلى بطون هذه العلوم وينهل منها ما يقوى تخصصه وأسقط كل هذه الحمولة المعرفية على فن كان آنذاك من هواته بفعل القرب الجغرافي، وحتى النفسي، في يوم إعذار بوحميد أقام الوالد حفلا بالمناسبة حضرته فرقة من شيخات وشيوخ العيطة، وأمام شدة الألم شدته مشاهد الفرجة والرقص والغناء بعدها تأتي مرحلة الوعي بالتراث وهو وعي وجده الراحل متأخرا لدى الباحثين فكانت البداية منذ الستينات بمصاحبة شيوخ العيطة والقرب منهم حتى أتقن العزف على آلتي الكنبري والكمان، ثم الخروج في جولات ممتدة على الخريطة الفنية المغربية من أسفي حتى الشياضمة وهضاب الشاوية وسهول عبدة والحوز والرحامنة، والصخور، والخيايطة، وأولاد حريز وسيدي غانم و الفقيه بن صالح واحد كورت، إلى أقدام جبال الريف مع العيطة الجبلية، مرورا بالشرق على المنكوشي والنهاري، إلى الصحراء حتى موريطانيا، في سفر سماه البحث عن المتشابهات في تراث فن العيطة.
في رحلة سفره هاته تعرف بوحميد على مجموعة من رجال ونساء المغرب الشعبي وصاحب عددا منهم حتى لقبوه (المعزز الربيك) لهجة لكجام ومعناه المعلم الكبير. انطلق البحث عند بوحميد من الميدان حيث التصاقه الشعبي بعوالم العيطة المتشعبة، وكانت البداية أن تعلم لهجة لكجام المشفرة والمعقدة ليسهل عليه التواصل مع شيوخ تراث فن العيطة استغرقت هذه المرحلة وقتا طويلا تمكن خلاله من إتقانها وتجديدها وبواسطتها انطلق في الوصف. فوصف العيطة في شكلها من اللباس وعدد الأفراد وطريقة الغناء ليصنف بعد ذلك في إعادة رسم الخريطة الفنية الشعبية رابطا إياها بمرجعيات تاريخية وجغرافية تم اعتبارها إلى يومنا هذا ناجحة ولم يفت الراحل الانكباب على المتون الزجلية وتنقيحها مساهما في إعادة تركيب بعض العيوط. التي كانت على حافة الزوال كعيطة العمالة.
إن جميع المؤلفات والدراسات الجامعية قد اعتمدت الراحل محمد بوحميد كمرجع مهم لفهم تراث فن العيطة بالمغرب، وإليه يعود الفضل في انتشاله من بين براثن النسيان والضياع وأثار انتباه الاهتمام الأكاديمي به ورد إليه اعتبار بعد أن كان يعاني من الإقصاء والتهميش.
لقد اعتمد الراحل على هذه المرحلة كمنهاج تسلسلي في البحث العلمي الذي كان من أبرز سماته سلوكه الثاني الذي عرف به دون التسرع في الإجابة على أسئلة كان يعتبرها سابقة لأوانها مؤكدا خطورة التسرع بتقديم وجهات في موضوع حساس نتحمل فيه مسؤولية الصدق والأمانة أمام التاريخ والأجيال القادمة وهو ما كان دافعا له ليقتنع بعدم تجميع بحثه وطبعه ونشره.
استغرقت مرحلة التعريف بفن العيطة عند بوحميد أربعة عقود حتى نظمت وزارة الثقافة المهرجان الوطني الأول لتراث فن العيطة بالمغرب سنة 2001 ومن خلاله أعلن بوحميد عن بداية المرحلة وبداية المرحلة الثانية من البحث الذي كان قد قسمه إلى ثلاثة مراحل.
1- مرحلة التعريف.
2- مرحلة تفكيك وإعادة بناء العيطة.
3-مرحلة وضع ميزان الذهب للعيطة.
كانت بداية تفكيك العيطة عند بوحميد من عيطة الرادوني التي يعتبرها أخر ما جاء في النظم العيطي يقول بوحميد أن هذه العيطة ركبت في الشاوية وانتقلت عبر الاركاب إلى منطقة عبدة حيث أضيفت إليها الأجزاء الأخرى والمركبة من مقاطع محببة من عيوط عبدية، تتميز عيطة الرادوني بصعوبة أداءها عند الشيوخ. لأنها تحمل إيقاعات مختلفة أهمها الإيقاع الحمدوشي، عيطة الرادوني المعروفة عند شيوخ العيطة ببرغالة تعتبر الأطول حيث تضم إحدى عشر جزء. وفكك بوحميد عيطة رجانا في العالي المعروفة عند الشيوخ بالخادم لخويدم، ولاعلاقة لها بالخادم الموجودة في النمط الحوزي، ولاعلاقة لها كذالك بعيطة “أرجانا فالعالي البيضاوية”
الكاتب : محمد مضمون | 02/02/2015 .
0 0 votes
تقييم
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x